الأول: أنه ينبغي على رجال الأمة أن يحملوا الأمانة كما أبلغهم الله إياها ، ويبلغوها العباد كما أراد الله لا كما تهوى الأنفس وتزينه الشياطين ، وهذه تضحية ومشقة أولى.
الثاني: يفهم من قوله تعالى {واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:8] أن البلاء واقع بمجرد إبلاغ الحق إلى الخلق ، وهذه تضحية ومشقة ثانية ، يقول ربنا: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وأَنفُسِكُمْ ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ومِنَ الَذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً. .}
وعلى هذا الطريق - طريق العودة - لابد أن يقف رجال يحملون عقيدة الأئمة وسلف الأمة :
1. وعلى هذه العقيدة يأتلفون ويجتمعون ، ومن دونها يفارقون ،
2. يتربون على عظائم الأمور ومكارم الأخلاق ،
3. صفوفهم منتظمة ، حريصون على الوحدة والائتلاف وليس الفرقة والخلاف ،
4. هممهم عالية ،
5. صُبَّر على المحن ، وبعداء عن الفتن ،
6. عقولهم متزنة ،
7. جنوبهم لينة ،
8. أخطاؤهم معدودة ،
9. إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون ،
10. دامعة أعينهم ، حزينة قلوبهم ، يبكون يوماً قصيًرا لغد طويل ،
11. لا يحزنون على ما فاتهم من الدنيا ، ولا يفرحون بما أتاهم منها ، {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
12. أنفاسهم طويلة مثل طول طريقهم . .
13. وآراءهم حكيمة على مثل ما يواجهون . .
14. واعون لواقعهم الذي يحيونه فهم له مستبينون لا يخدعهم معسول قول جاهلية عصرهم عن حقيقة كيدها وعنادها وتنكرها لطريق الله ، واجتيالها للعباد - كل العباد - عن مصدر عزهم وسعادتهم ألا وهو دينهم الحق ، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!!
فهم ممتثلون قوله تعالى: {وكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ} وهؤلاء هم الرجال المنتظرون .
هم الصف الأول ، هم النخبة الموجهة ، هم الصفوة المنتقاة ، هم حراس الأمة وقادتها وعقولها ،
· رجال هم عين الأمة وضميرها ،
· رجال يذودون عن الأمة ، ويدافعون عنها ، ويدفعون الأعداء ،
· رجال يوجهون الأمة ، وبهم تسترشد الأمة طريقها ،
· رجال تلوذ بهم الأمة - بعد الله - في مدلهمات الأمور وجسام المواجهات ،
· رجال تناط بهم أمانة حمل هذا الدين العظيم ، وإبلاغه للناس والتمكين به في الأرض {وعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} ،
· رجال تحتاجهم الأمة في كل ظروف تاريخها الطويل ، وحاجتها إليهم اليوم أشد ، إنهم رجال المواقف ...
غير أن المنهجية الأصولية التي تلتزم بها هذه الأمة ورجالها تقتضي أن نعرض صفحة من علمها المدون يقتضيه السياق: